مناجاة قلب كسير..

و كيف يكون كسيراً و أنت النور الذي يشع في حناياه, و الأمل الذي يخفق به ويعيش عليه....!!؟

بل كيف لا يكون كسيراً, و قد ذلّ لعظيم سلطانك , و دان لسابق حكمك و قضائك!!...؟

بلائي به , محض العبودية لك... و التجاؤه إليك , محض رعايةٍ و توفيقٍ منك...فلأيهما أدين بالشكر , وعلى أيهما أبذل التحمل و الصبر , وأقسى ما في كلّ منها نعمة منك لا أستحقها , و يد جميلة لا قبل لي بأداء شكرها....؟

مولاي : لئن نسيتني أفراح الدنيا , فإن عزائي بما فاتني منها عظيم ما ألقاه من الأنس بذاتك و الأمل في رحمتك , و لئن أبكتني صروف الليالي و الأيام , فإن عزائي معها بكائي على أعتاب لطفك و بين يدي ربوبيتك . وشتان بين دموع اعتصرتها الآلام من العيون , و دموع استجابت لذل العبودية فانحدرت تبكي لمن خلق الوجد في القلوب, وأودع الحرقة في الدموع......!؟

مولاي : أأشكرك على ما أوليتني من نعمة الصبر على البلاء , أم أشكرك على ما أوليتني بذلك من سعادة القرب أليك و لذة المناجاة لك ....!!؟

إلهي : أي شيءٍ يوحشني من الدنيا فقده , بعد أن رأيتك أمامي , و أنست بك في سرّي و جهري؟...بل أيّ منةٍ منك أعظم و أجل من أن تزيح عني حجاباً كان يشغلني عنك , فشُغلتُ بك عنه بما أكرمنتني من الاعتصام بك و التضرّع إليك.....؟؟

نعم إن القلب قد يتألم و لكن ما ألذ الألم الذي يذيق صاحبه طعم العبودية لك, و حلاوة الّرضا بحكمك ....!؟
إلهي : سألوني عن أقدس سرّ من أسرارك . فقلت لهم : إنه القلب!... يخفق و يحس و يحن و يئن , في عالمٍ لا تطوله فيه يد المال و المتاع , ولا الصنعة و الخداع . ولا الدنيا و زخرفها , أو المادة و قيمها....!؟

عروش الدنيا و ممالكها , و بطشها و سلطتها -كل ذلك أقل من أن يقاوم خفقة من خفقات قلبٍ محبّ......!؟

و نعيم الدنيا و أفراحها , و لهوها و لذائذها - كل ذلك أقل من أن يخلق لمعة فرحٍ في قلبٍ حزين ....!؟

فهل في أسرار ما صنعه الخالق شيءٌ أقدس وأعجب من القلب.....!!!!؟؟؟؟؟

الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

الهي ...
كيف أيأس وأنت ربي وخالقي
وكيف لا ينعشني الأمل وأنت حسبي وجاهي
سلمت يداكِ غاليتي رهف
دوماً اختياراتك المميزة تنعش القلب وترويه
تقبلي مني فائق احترامي